لم يتبقى معي إلا علبة كبريت وسجائر ،ادخنها واتذكر ما قد فات اتذكر لحظاتٍ فاتتني وانا مشغول بجمع الفتات ، اضعت سنين عمري ،أقلد عادات الناس ، حتى غيرت حلمي وأصبحت واحداً منهم ، شخصاً بلا احاسيس، بلا أوجاع ، بلا روح ، بلا قلب ، وهمومي هي جمع المال ، أصبحت كجهاز ينتج كل شيء ولكن الفرق الوحيد أن لي فضلات ، فلعقلي فضلات كثيرة منها الحسد ، منها الجشع ، منها حب المال ، وقلبي مسكين مغلوب لا يعلم ما المطلوب ، يحاول ثني قراري ، ولكني كالطاغية على قلبي ، لا أسمع مشورة ولا أخذ بالنصيحة .
ولكني الآن أتحسر على كل شروق شمس لم أراقبه ، وعلى كل غروب لم استرخي في وقتها على شاطئ البحر ، اتحسر على يوم البدر المكتمل الذي اقضيه في المدينة بين الأضواء ، اتحسر على شمعة رميتها ولم اسمح لها بالبكاء معي ، أتحسر على حب لم أكن قوياً ما يكفي للمواصلة به ، أتحسر على أيام الثلج التي قضيتها بالعمل ، اتحسر على أيام الصيف التي قضيتها تحت التكييف ، أتحسر أيام الربيع التي قضيتها بالصحراء ، أتحسر على كل لحظة مرت من حياتي ولم أكن في المكان الذي ينبغي علي أن أكون به ، اتحسر على الطعام الذي صنعته أمي ولم أتذوقه ، أتحسر على كل ما فات . ولكن العيب العظيم التي ارتكبه دائماً ، أنني أعيش في الحسرة ، وأبقى في طي الأحزان ، اتحسر على ما فاتني ولكن لا احاول أن أبني حياة سعيد ، حياة جديدة ، حياة عظيمة ،
فلقد ربيت ككل الناس على الكسل ، لا أستطيع تحريك كرسي يسد عليي الطريق ، وأتعثر به دائماً ، فهل أستطيع تحريك صخرة الواقع وأجعلها خارج دربي ، كل منا سلك درباً بالحياة ولكننا جميعاً سلكنا الطريق الخطأ ، فالحياة مدرسة وفي كل يوم امتحان يجب أن تستعد جيداً لأنك ستفشل ، وهذا هو النجاح ، فالحياة ليست كالمدرسة فبالحياة ، لا نأخذ إلى الخبرة ، فالنجاح سيؤدي إلى الفشل ، والفشل يقود إلى درب النجاح ، لا يوجد شيء يسمى نجاح دائم ، أو فشل أبدي .
ولا يوجد مستقبل بلا حسرة على الماضي ، بل سر النجاح هو الحسرة والفشل ، لأنهما كالفحم الذي يجب أن يحرق القطار من الداخل حتى يدفعه للأمام ويوصله إلى بر الأمان ، وعندي من الفحم مخزون لا ينفذ عندي مخزون أعوام وأعوام ، ومخزون خيانات وغدر ، ومخزون خذلان وحزن ، ومخزون فشل وخسارة ، فالمخزون لا ينفذ ، ولكن يجب عليك أن تعرف كيفية استخدامه ، يجب أن لا تملأه في يوم واحد وإلا احترقت وتفحمت و اعلم بأنه لديك مستقبل مبهر ، لديك مواهب لا تحصى ، لديك أحلام لن تنتهي ، لديك أجيال من النجاح والفشل ، لديك أعوام من الفرح والحزن ، لديك مواقف من الحب والكراهية ، ويجب عليك أن تعيشها كلها لتتذوق طعم الحياة يجب أن تفشل وتفشل وتتابع في الفشل ، حتى يأتيك بصيص ضوء من النجاح ، وتابع فشلك ولا تلتفت للوراء حتى تنجح ، عندها سيصبح الفشل ذاكرة جميلة من المعاناة والألم و الإصرار حتى أصبحت على ما أنت عليه ، ولا تدع الحياة تنسيك من أنت ، فأنت فاشل ناجح في فشله ، أنت إنسان مبدع في طبعه .
وتأكد أنه قبل كل نجاح ، هناك فشل بداخلك أو حسد في قلوب الناس ، سيحاول انتشالك من هذا النجاح ، سياحاول تحطيمك ، قتلك من الداخل أو الخارج ، سيحاولون نزع معنويات العظيمة ، سيحاولون أن يبقى الكلام عنه ، لا يريدون أن يتكلم أحدُ عن نجاحك بل يريدون أن يبقوك في بئر الفشل ، وكلما تسلقت للقمة سيحاولوا ثني عزيمتك ، وإن لم يستطيعوا فيقطعوا الحبل ، ولا تيأس أصنع حبلك بنفسك وانتشل نفسك بعيد عنهم لا تلتفت لكلماتهم الجارحة بل إجعلها إلهاماً يقوي عزيمتك ، ويشد من ازرك ، إجعل من كراهيتهم ، ناراً تحرق أعينهم إذا حاولوا النظر إليك بسوء .