-->
20442089948863209543254490835361871223293246504253253244222450902125210054252300302210331037257509080002542285855724524240052333309025131555
آخر الأخبار
recent
حملة شارلكان على مدينة الجزائر ( أكتوبر- نوفمبر 1541)

حملة شارلكان على مدينة الجزائر ( أكتوبر- نوفمبر 1541)

حملة شارلكان على مدينة الجزائر ( أكتوبر- نوفمبر 1541)

حملة شارلكان على مدينة الجزائر ( أكتوبر- نوفمبر 1541)

مقام الشهيد ورياض الفتح في أعالي خليج الجزائر .
كدية الصابون حيث نصب شارلكان مقر قيادته  استعدادا  لاقتحام مدينة الجزائر.
تجمعت القوات المجهزة لخوض الحملة في مدينة "ماهون" في جزيرة "مينوركا" من جزر البليار.
كانت القوات الغازية تتكون من 24000 محارب و1200 بحار،2000 حصا وعتاد ضخم. حمل الكل على متن 65 سفينة و 45 مركبا.
كانت ألمع الأسماء الاسبانية ضمن المشاركين في الحملة و نجد من بين قادتها كورتاز Cortez  فاتح المكسيك الشهير.
كان الجيش يتكون من عصابات قديمة و معروفة و من فرسان مالطة زاد عددهم عن 500 رجل تحت قيادة أفضل الضباط.
أقلعت السفن في اليوم (18)الثامن عشر من أكتوبر و في اليوم الموالي كانت هذه الأرمادا على مرأى من سواحل الجزائر.
في صباح اليوم العشرين من ذات الشهر مرت أمام المدينة و ذهبت للرسو في عرض الخليج. ولكن البحر كان شديد الاضطراب ولم تتمكن هذه القوة  من النزول إلا في صباح يوم 23. استقر الجيش على الساحل على يسار مصب واد الحراش وغادر الكل أجواف السفن  حيث كانوا مكدسين طيلة أيام وليال. ومن هناك أرسل الإمبراطور إلى حسن أغا إنذارا يطالبه فيه بتسليم مدينة الجزائر، و ذكره بنجاحه الحديث العهد في تونس وأعلمه أنه في حالة عدم الاستيلاء على المدينة بالقوة سيقضي فصل الشتاء في إفريقيا(الجزائر).
 في غضون ذلك كان كل طرف يحضر نفسه للقتال، كان القائد في مدينة الجزائر يثير حماس الجميع وشجاعتهم ويحرضهم مذكرا إياهم   بالهزائم المتتابعة التي مني بها الغزاة أمام المدينة واعدا ومبشر بالقدوم القريب لخير الدين...
كان عدد المقاومين يقدر على الأكثر ب 1500 انكشاري و ما يتراوح بين 5000 و6000 من أهل الأندلس (المورو) الذين جيء بهم حديثا من اسبانيا، يضاف إليهم الرياس (البحارة) و أهل المدينة. و قد كان هؤلاء سيئي التسليح وعديمي الانضباط.
رد حسن آغا بكبرياء جريء على إنذار (الإمبراطور) و ذكره بهزائم الغزاة المهينة أمام مدينة الجزائر و قال له أنه أعجز من أن يستولي على أبسط حصن من حصون البلاد.
رد حسن آغا بكبرياء على إنذار الإمبراطور و ذكره بالهزائم المهينة للغزاة أمام مدينة الجزائر وقال له أنه أعجز من أن يستولي على أبسط حصن من حصون البلاد.
أمام هذا الرفض لم يبق إلا القتال. في يوم 24 سار الجيش.كانت الطليعة تتكون من الإسبان تحت قيادة "فرديناند دي غونزاك" وفي القلب كان الملك و جنوده من الألمان و المالطيين أما الصقليون مع فرسان مالطة فشكلوا المؤخرة تحت قيادة "س.كولونا".
هاجمت كوكبة من الأهالي الجناح الأيسر و تحتم للتخلص منهم انتزاع المرتفعات و قد أنجز الصقليون وجيش "بونة" (عنابة)هذه المهمة بنجاح كبير وصعدوا ،في وقت قصير، التل المسمى بكدية الصابون حيث سيبنى فيما بعد حصن الإمبراطور.
نصب شارل مقر قيادته العامة في حين كانت بقية الجيش تنزل المنحدرات إلى الساحل. 
بعث حسن آغا رسولا إلى الإمبراطور ، في المساء، يرجوه أن يترك مدخل باب الواد مفتوحا ليسمح بالخروج من المدينة للراغبين في ذلك.
اشتدت الريح على الساعة التاسعة ليلا وسرعان ما هبت عاصفة عــــــتية علــــى الخليـــــج وألقت ببللها و بردها على  الجنود الجياع الذين كانوا في العراء في حالة معنوية سيئة، ولم تكتف بذلك  فرمت بالسفن العديدة بعضها على بعض و قذفتها إلى الســـاحل.و جاءت فرصة ثمينة لم تكن منتظرة استغلها حسن آغا ببراعة في الصباح الباكر بإخراج إنكشارييه تحت قيادة الحاج البشير لمهاجمة الجيش الإمبراطوري.
فوجئت طليعة الجيش الإمبراطوري بهذا الهجوم المباغت في مثل تلك الظروف و ارتمت بفوضى على القلب و لم يتحول هذا الفشل إلى كارثة إلا بفضل شجاعة فرسان مالطة.لقد سمح تصرفهم الشجاع ل" كولونا" أن يجمع رجاله و سرعان ما اضطر الانكشاريون إلى العودة إلى المدينة. و وسط الرصاص و النبال ،تقدم "بونص دي بالاغير" فارس  سافينياك   وغرس خنجره في الباب.
لم تكن لهذه المناوشة أهمية كبيرة ولكن العاصفة كانت تزداد عنفا. و شاهد الجيش،من ذلك المدرج حيث كان مستقرا ، قدوم 140 سفينة متتابعة إلى الشاطئ. كان الأهالي المصطفون على الشاطئ يحيون غرق كل سفينة بصيحات مرعبة، و تحتم إرسال عدة كتائب لحماية المنكوبين.
أنزلت  المؤن من  على ظهر سفن الأسطول و لم يضع منها  شيء، لأن المحاصرين لم يكن يظهر عليهم الاستعداد للقيام بمحاولة أخرى للخروج خارج الأسوار.لم يكن لدى هذا الحشد الضخم ما يأكله  و لا ملجأ يأوي إليه.زد على ذلك أن العاصفة كانت مستمرة .
كان "دوريا" قد بعث إلى الملك، بواسطة سباح ماهر، نداء يائسا متوسلا إليه أن يتخلى عن مشروعه لتجنب كارثة أكبر، وأعلمه أنه سيغادر هذا الخليج المهلك و أنه سينتظره وراء رأس ماتيفو (تامنتفوست). كان دوريا،على الدوام، ينصح بعدم القيام بهذه الحملة .أما الجنود فقد  فاض يأسهم  لما رأوا آخر سفنهم تتخلى عنهم و لم يكن بالمستطاع إقناعهم بأن هذا الإجراء كان لضمان  نجاتهم.
كان شارل الخامس، منذ مساء يوم 25، قد قرر الانسحاب في اليوم الموالي و أمر بقتل كل الخيول، بداية بحصانه هو، لإطعام جيشه.
في صباح يوم 26، بدأ الجيش انسحابه و قضى النهار بكامله للاستقرار وراء واد خنيس ( واد الخميس؟).في اليوم الموالي 27 نشكل في طابور انسحاب ضخم، مع الإسبان و فرسان مالطة في المؤخرة، و كالعادة في مثل تلك الحالات، خرجت أسراب من المهاجمين و لا أحد يعلم من أين خرجت لتهاجم ذلك  الجيش المحطم المعنويات و المنهك.و زيادة على ذلك كان من اللازم اجتياز واد الحراش الذي كان في حالة فيضان ثم الحميز، و أخيرا نم الوصول إلى رأس ماتيفو يوم 29، حيث لجأت السفن الناجية من الغرق و الجنوح، وحيث عثر على الطعام.
في "ماتيفو " عقد قادة الجيش مجلس حرب و تبادلوا الآراء في شأن الركوب و الرحيل، باستثناء اثنين منهم و هما ف.كورتاز  وكونت ألكودات الذي كان يعرف الناس و البلد جيدا  قد ذهب إلى حد طلب شرف القيام بعمل يتحمل مخاطره مع بعض المتطوعين المختارين .و لكن "دوريا" ألح على مغادرة هذا الخليج غير المضياف في أسرع وقت و تغلبت وجهة نظره.
بدأ الصعود إلى السفن يوم 01 نوفمبر، و بما أن البحر أصبح أكثر هيجانا تركت السفن المحملة تذهب على حدة. اثنتان منهما جاءتا إلى الساحل و شوهد البحارة و الجنود الذين نجوا من الأمواج يقعون تحت رحمة  خناجر الأهالي.
لم يغادر الإمبراطور الشاطئ إلا يوم 03 واضطر إلى الفرار من وجه العاصفة و إلى البحث عن ملجأ في بجاية (الواقعة تحت السيطرة الإسبانية) حيث اطلع على حالة الموقع المكان و أمر بترميــم الدفاعــات و إتمامها و لكن الأمل في العثور على مؤن في هذا المكان خاب إذ كل من كان فيه كان يعاني من الجوع.
أخيرا ،في يوم 18 نوفمبر  غادر شارل الخامس ذلك الملجأ و دخل يوم 2 ديسمبر إلى مدينة قرطاجنة في حالة يرثى لها حيث استقبله رعاياه بفرح لأن الشائعات عن موته كانت قد انتشرت.
و هكذا انتهت حملة الجزائر .إن هذا الفشل هو أول فشل خطير يتعرض له شارل الخامس، وعلم الإمبراطور أن الحظ يحالف الشبان على الخصوص و أن النجاح، في بعض الأحيان يتخلى عن أقوياء الأرض في الوقت الذي يعتقدون أنهم رسخوا فيه إلى الأبد.إن الخسائر التي تكبدها الإمبراطور أمام مدينة الجزائر ضخمة :جنوح عدد كبير من السفن إلى الشاطئ، خسران كل عتاده، حوالي 200 قطعة مدفعية، و أخيرا إذا استندنا إلى أرقام المسلمين، 12 ألف رجل بين غريق وقتيل  أو أسير.هذه هي حصيلة تلك الحملة  البائسة.
إذا كانت للكارثة أمام الجزائر انعكاسات مؤلمة على أوروبا فإن الأثر المترتب عنها في بلاد البربر، هو في اتجاه آخر ربما أكبر وأعظم. أرسل حسن وصفا مسهبا إلى الباب العالي عن طريق مبعوث خاص قدمه خير الدين باشا بنفسه للسلطان، وقد أغدق السلطان سليمان (القانوني ) عليه بالهدايا لرئيسه و لقبه باشا، حاكما للجزائر.عند عودته إلى الجزائر أستدعي مجلس كبير للانعقاد في الديوان و قرئت فيه رسائل السلطان . و كانت الأفراح المستمرة و غير المتقطعة في هذه المدينة التي حماها الإله بجلاء ووضوح. و قد كتب مؤلف مسلم معاصر للأحداث أن مدينة الجزائر كانت ، حينئذ ، تشبه عروسا شابة تتأمل بخيلاء حمالها وتتمتع بسعادة لا مثيل لها . لا يمكن التعبير عنها.من بين الذين كانوا يبدون أفراحهم الغامرة ربما كان اليهود الذين وجدوا في مدينة الجزائر ملجأ من اضطهاد الإسبان لهم .لقد تلقوا برعب حقيقي و كبير احتمال الوقوع ثانية تحت نير مضطهديهم .و نظم الحاخامات أشعــــــارا مدائحيـــة وأحييت ذكرى انكسار الإسبان ،إلى وقت قريب، من طرف يهود الجزائر.

المصدر:    HISTOIRE DE L’AFRIQUE SEPTENTRIONALE,  ERNEST MERCIER, TOMETROISIEME.1868

تعليقات فيسبوك
0 تعليقات بلوجر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إتصل بنا

الإسم الكريم البريد الإلكتروني مهم الرسالة مهم
كافة الحقوق محفوظةلـ المتميز التربوي 2016