5- القروض العامة
وتعد القروض العامة من بين المصادر الهامة الاستثنائية لإيرادات الدولة ويستدعي البحث فيها عرض مفهومها وشروط انعقادها وكيفية انقضائها.
الفرع الأول : ماهية القروض العامة والتنظيم الفني لها
إن دراسة القرض العام كإيراد غير عاد تستلزم البحث في تعريفه وإصداره وآثاره وحالات انقضائه.أولا: تعريف القروض العامة
يمكن تعريف القرض العام على أنه: " استدانة أحد أشخاص القانون العام (الدولة، الولاية، البلدية ...) أموالا من الغير مع التعهد بردها إليه بفوائدها"، فهو بذلك من الإيرادات الغير عادية التي تلجأ إليها الدولة عند تخوفها من ردة الفعل الشديدة والاستياء العام من جانب المكلفين في حالة لجوءها الى الرفع قيمة الضرائب.
ثانيا: أنواع القروض
هناك ثلاث معايير يمكن ان تقسّم القروض العامة تبعا لها.
أ/ من حيث النطـاق المكانـي لمصدرها:تنقسم القروض العامة إلى قروض داخلية (وطنية) وخارجية (أجنبية).
1- فالداخلية (intérieur): وتسمى القروض الوطنية ويكون المقرض فيها أحد الأشخاص الطبيعية أو المعنوية المقيمين داخل إقليم الدولة بغض النظر عن جنسيته. وغالبا ما توجه هذه القروض لتغطية نفقات حرب أو تمويل مشاريع التعمير والبناء نتيجة ما دمرته الكوارث الطبيعية أو الوفاء بدين خارجي على الدولة وفي هذه الحالات غالبا ما تكون نسبة الفوائد التي تقدمها الدولة بسيطة أو منعدمة.
2- أما الخارجية (Extérieur): فيكون المقرض فيها أحد الأشخاص الطبيعية أو المعنوية من خارج الدولة ( رعايا أجانب، دول، منظمات وهيئات دولية كصندوق النقد الدولي)
و يختلف القرض الداخلي عن الخارجي من عدة جوانب:
- القرض الداخلي لا يزيد عمليا في الثروة القومية لصالح الدولة، خلافات للقرض الخارجي الذي يزيد من الثروة الوطنية بنقل جزء من الثروة الخارجية إلى الثروة الوطنية لكن بالمقابل فان عبء تسديده وفوائده يقع على عاتق المقيمين في الدولة ويؤثر على حجم الثروة الوطنية بالنقصان بنقل جزء منها من داخل الدولة الى خارجها.
- يضيف القرض الخارجي رصيدا من الثروة بالعملة الأجنبية، عكس القرض الوطني.
- يؤدي القرض الخارجي إلى تدخل الجهة المقرضة (دولة، صندوق نقد دولي) إلى التدخل في الشؤون الداخلية للدولة المقرضة.
القاعدة أن القروض الخارجية عادة ما تكون اختيارية، بينما القروض الداخلية تكون اختيارية، أو إجبارية.
ب – من حيث حرية الاكتتاب في القرض: وطبقا لهذا المعيار تنقسم القروض العامة إلى:
1- القروض الاختيارية Emprunts volontaires: وهي القروض التي يكون فيها الأشخاص أحرارا في الاكتتاب فيها دون إكراه من السلطة العامة (الدولة)، وهي حينئذ تقوم على أساس تعاقدي.
2- القروض الإجبارية: و هي القروض التي يجبر فيها الأشخاص على الاكتتاب فيها حيث تمارس الدولة سلطتها السيادية بشأنها فلا يكون للأفراد حرية في الاكتتاب في القرض وتلجأ الدولة إليها في حالة ضعف ثقة المواطنين في الدولة خاصة في فترات عدم الاستقرار والأزمات الاقتصادية وكذا في حالات التضخم حيث يرتفع مستوى الأسعار نتيجة تدهور قيمة النقود فتلجأ الدولة للقرض من أجل امتصاص اكبر قدر من الكتلة النقدية الفائضة للحد من أثار التضخم.
ولا تلجأ الدولة للقروض الإجبارية إلا في أضيق نطاق وفي حالات الضرورة وحتى في هذه الحالات قد تفضل اللجوء إلى الإصدار النقدي الجديد من اللجوء للقروض.
ج- من حيث اجل القرض: و تنقسم القروض العامة من هذه الناحية إلى:
* المؤقتة (القابلة للاستهلاك- Amortissables): هي القروض التي تلتزم الجهة الإدارية المقترضة بالوفاء بها في الآجال و الأوضاع الواردة في قانون إصدارها. بغض النظر عن ظروفها الاقتصادية والمالية وهذا يزيد من ثقة المكتتبين في الدولة
ويأخذ هذا النوع من القروض صورة قروض قصيرة الأجل والتي لا تتجاوز في الغالب سنتين وتلجأ إليها الدولة غالبا لمواجهة العجز الموسمي في الميزانية، أو متوسطة أو طويلة الأجل ويقصد بها تلك التي تعقد لمدة تزيد عن سنتين وتقل عن عشرين سنة وتلجأ الدولة لهذا النوع لتغطية عجز دائم أو طويل الأجل في الميزانية العامة بحيث لا تكفي الإيرادات العادية الخاصة بالسنة المالية لتغطيته (كأن يجعل اجل القرض مابين سنة 2006 وسنة 2010 ).
* الدائمةPerpétuels: وهي تلك التي لا تلتزم الدولة بالوفاء بها في أجل معين مع التزامها بدفع فوائدها الى غاية تاريخ الوفاء بها مع حرية الدولة في تحديد الوقت الأكثر ملائمة لظروفها الاقتصادية والمالية للوفاء به حيث يجوز لها الوفاء بالقرض المؤبد في أي وقت دون أن يكون للدائنين في ذلك حق الاعتراض. وهذا قد يؤدي لتراكم الديون وأعباء الفوائد المترتبة
الفرع الثـاني: شروط إبرام القرض العام
يمكن تقسيم شروط إبرام القرض العام إلى شروط موضوعية وإجرائيةالشروط الموضوعية: تتمثل في ضرورة استعمال الأموال المقترضة في قطاعات تؤدي إلى تكوين فائض في الإنتاج. ولتقدير أهمية المشروع توفد المنظمة المطلوب منها القرض خبراءها الفنيين لدراسة هذا المشروع لمعرفة إمكانية قدرة الدولة على الوفاء بالقرض وفوائده وبناءا على الدراسة المنجزة يصدر قرار منح القرض والدولة الدائنة لا تدفع المبلغ دفعة واحدة بل على مراحل بعد التأكد في كل مرة من أن الأقساط المدفوعة قد صرفت فعلا على المشروع الذي من اجله ابرم اتفاق القرض إذ أن الدولة المقرضة هي التي تشرف على تنفيذ اتفاقية القرض فعكس الضرائب التي لا تخصص نحو إنفاق في مجال معين فان القرض العام يخصص لإنفاق معين يحدده القانون.
الشروط الإجرائية: يتعين على المشرع قبل إصدار القرض العام أن يحدد بدقة مجموعة من المعطيات تتعلق بالموارد الطبيعية للدولة والخبرة المتوفرة لديها وسياسة الدولة الاقتصادية وحالتها التجارية حتى تضمن فعالية الدين وإمكانية الوفاء به.
إصدار القـرض العام:
يقصد بإصدار القرض العام العملية التي بمقتضاها تحصل الدولة على المبالغ المكتتب بها عن طريق طرح سندات ، يقوم الأفراد بالاكتتاب فيها وفقا للشروط التي ينص عليها التشريع الساري المفعول وطبقا للفقرة 15 من المادة 122 من دستور 1996 فإن إصدار القروض العامة يتطلب صدور قانون من البرلمان (المجلس الشعبي الوطني)، ذلك أنها وسيلة يردّ أصلها و فائدتها كالضرائب لذا يجب أن تفرض بقانون يبدي بموجبه البرلمان موافقته على قيام الحكومة بإصدار قرض عام.
ويثير موضوع إصدار القرض العام التطرق إلى المسائل الأساسية التالية:
أولا – مبلـغ القـرض العام
يصدر القرض العام محدد القيمة أو غير محدد القيمة.
- القرض محدد القيمة: وذلك في حالة ما إذا حددت الدولة – مسبقا حدا أعلى للمبلغ الذي تريد أن تقترضه ويتوقف الاكتتاب عند بلوغ هذا المبلغ
- القرض غير محدد القيمة: وذلك في حالة ما إذا لم تحدد الدولة أو الجهة الإدارية المقترضة مبلغا لذلك وفي هذه الحالة تقوم الدولة بتحديد تاريخ معين ينتهي الاكتتاب بنهايته وبذلك فان مقدار القرض يتحدد بحلول هذا التاريخ وغالبا ما تلجأ إليه الدولة في الحالات التي تحتاج فيها إلى الحصول على مبالغ كبيرة لتغطية أزمة أو كارثة مثل أوقات الحروب والكوارث.
ثانيا: سنـدات القرض
يأخذ القرض لدى إصداره شكل سندات تتمثل عادة في:
السندات الاسمية – Titres nominatifs وهي تلك السندات التي يقيد اسم مالكها في سجل خاص للدين يحفظ في إدارة القروض العامة بوزارة المالية وتسلم له شهادة باسمه تثبت حقه تجاه الدولة وتعتبر تلك الشهادة نفسها هي السندات الاسمية ويتطلب نقل ملكيتها تعديل البيانات الواردة في السجل والشهادة وبغير ذلك لا يعتد بنقل ملكيتها وبذلك تمثل حماية لمالكها ضد خطر السرقة والضياع.
السندات لحاملها – Titres au porteur وهي تلك التي لا يقيد اسم مالكها في سجل خاص بل القاعدة أن حائز السند هو مالكه ولا يتطلب نقل ملكيته القيام بأي إجراء قانوني وعادة ما تلحق بهذه السندات قسائم قابلة للانفصال عن السند الأصلي يعبر كل منها عن الفائدة المستحقة في تاريخ معين وتدفع الفوائد عن طريق تقديم القسيمة في التاريخ المحدد.
ويتم الاكتتاب في سندات القروض العامة بإحدى الطرق التالية:
- الاكتتاب العام المطروح على الجمهور مباشرة وفيه تعرض الدولة السندات على الجمهور مباشرة مع تحديد موعد بداية ونهاية الاكتتاب والشروط والمزايا التي تمنح للمكتتبين وتتميز هذه الطريقة بأنها توفر على الدولة مبالغ العمولة التي يتقاضاها الوسطاء كالبنوك مثلا وتتطلب هذه الطريقة ثقة الجمهور في مالية الدولة.
- البيع للبنوك والمصارف نظير عمولة معينة وهنا تلعب البنوك دور الوسيط في تغطية القرض عن طريق قيام الدولة ببيع سنداتها إلى البنوك مقابل عمولة تحصل عليها ويتم بيع القرض للبنك الذي يقدم أفضل الشروط ومن مزايا هذه الطريقة ضمان الدولة تصريف جميع السندات وحصولها على حصيلة القرض على وجه السرعة ويعاب عليها حرمان الدولة من مبلغ هام يتمثل في الفرق بين المبلغ الاسمي للقرض والمبلغ الذي تدفعه البنوك فعلا.
- البيع في سوق الأوراق المالية وفي هذه الحالة تلجأ الدولة لبيع السندات في بورصة الأوراق المالية إذا كان مبلغ القرض محدودا وكانت الدولة في غير حاجة سريعة أو عاجلة إليه.
الفرع الثالث: انقضـاء القـرض العام
ينقضي الالتزام الواقع على عاتق الدولة جراء القرض العام بحالات ووسائل مختلفة:أولا/ الوفاء:يقصد بالوفاء رد قيمة القرض بأكمله إلى المكتتبين فيه
و يتم انقضاء القرض العام بالوفاء به تماما تجاه الجهة المقرضة، لدى حلول أجله وهذا أمر لا غنى عنه إذا أرادت الدولة الاحتفاظ بثقة المقرضين في انتمائها.
ثانيــا/ الاستهلاك:
يقصد باستهلاك القرض العام سداد قيمته تدريجيا على عدة دفعات إلى حاملي سنداته خلال فترة معينة وفقا لما تقضي به شروط الإصدار.
ثالثـا/ التبديل:
يقصد بتبديل القرض العام "Conversion de la dette publique " استبدال قرض عام قديم ذي فائدة مرتفعة بقرض عام جديد ذي فائدة منخفضة وهذا التبديل إما أن يكون إجباريا أو اختياريا. كما قد يتم الاتفاق على تحويل هذه القروض الى استثمارات أو تحويلها الى جزء من رأسمال بعض المؤسسات في إطار الخوصصة وهو أمر شائع في السنوات الأخيرة.
رابعا/ الإعفاء: وذلك بأن يتم الاتفاق بين الدول بشكل جماعي أو انفرادي على إعفاء الدولة المدينة من ديونها أو من جزء منها نظرا لظروفها أو لتحفيزها على القيام بإصلاحات معينة.
الآثار السلبية والإيجابية المترتبة عن القروض التي تمنحها المنظمات المالية:
1/الآثار السلبية: وتتمثل هذه الآثار في
- السداد بالعملة الصعبة إذ أن الديون الممنوحة من الهيئات الرسمية يجب تسديدها بعملة البلدان المقرضة وبالدولارات بالنسبة لأغلبية الهيئات الدولية، لذا تضطر الدول عادة إلى اللجوء لقروض جديدة أو بتشجيع المنتجات الوطنية ويستدعي تشجيع الاستثمارات الدولية بمنحها امتيازات معتبرة (وصلت في الجزائر لحد التكفل بمصاريف المنشآت الضرورية للاستثمار والإعفاء لمدة 10 سنوات من الضريبة على أرباح الشركات بموجب الأمر 01/03 م 20 أوت 2001 المتعلق بتطوير الاستثمار ( ج ر 47) والذي تمت الموافقة عليه بالقانون رقم 01/16 المؤرخ في 21 أكتوبر 2001 ( ج ر 62) ، كما شجع صندوق النقد الدولي إجراء تعديل في القطاع العام لحساب القطاع الخاص وهو ما انتهجته الجزائر بموجب الأمر 01/04 م 20 أوت 2001 المتعلق بتنظيم المؤسسات العمومية الاقتصادية وتسييرها وخوصصتها ( ج ر 47).
- التدخل في الشؤون الداخلية للدول المستفيدة من القرض: سبقت الإشارة إلى أن الدول المقرضة عادة ما تربط عملية القرض بالظروف السياسية والاقتصادية للدول المقترضة وقد يصل ذلك إلى حد اشتراطها قيام هذه الدولة إجراء تعديلات في النصوص القانونية والتخلي عن النهج الاقتصادي السابق وهذا يعد مساس بسيادة الدول الداخلية وهذه التبعية المالية والسياسية وسيلة للإدماج الحتمي للعالم الثالث في الاقتصاد العالمي لذا غالبا ما تلجأ الدول إلى الاقتراض من المنظمات والمؤسسات المالية الدولية.
- أنها تؤثر سلبا على الميل للاستثمار حيث أن الدولة عادة ما ترفع سعر الفائدة كوسيلة لجذب الأفراد للاكتتاب في سندات القروض العامة مما يجعلهم يسحبون أموالهم من الاستثمارات الخاصة.
- أنها تزيد من الأعباء على الخزينة العمومية نتيجة الامتيازات التي تقدمها الدولة للمكتتبين في القرض العام. وعادة ما تربط الدول الغنية منح القروض بضرورة تصريف منتجاتها نحو الدول النامية وتراعي في ذلك نوعية نظام الحكم والظروف السياسية لذا تفضل الدول النامية للمنظمات الدولية دفعا للإحراج السياسي. وعادة ما تلجأ إليها الدولة عند عدم كفاية الادخار الوطني .
2/الآثار الإيجابية:
- تلعب المؤسسات المالية كصندوق النقد الدولي والبنك الدولي للإنشاء والتعمير دور هام في تجنب انهيار اقتصاد الدول التي تعرف عجز مالي وبالتبعية الحفاظ على الاستقرار الداخلي وقد مرت معظم الدول المصنعة حاليا كالولايات المتحدة الأمريكية وكندا واستراليا بمرحلة استعانت فيها برؤوس الأموال الأجنبية في القرن 19 من اجل الإسراع بتنميتها.
( إذ قام نيكولاي تشاوسيسكو في رومانيا بإلغاء كل استدانة خارجية بلا قيد أو شرط وبعد أن كان الدين الخارجي يمثل 11 مليار دولار سنة 1980 تم تسديده كليا في أفريل 1989 فحرم بذلك الشعب الروماني بشكل فضيع إذ لجأ لتخفيض الواردات بنسبة 40 % ما بين سنة 1980 و1984)
- صندوق النقد الدولي يساعد ويساهم في تعزيز حقوق الإنسان إذ بادرت الجماعة الدولية بتخفيض ديون الدول النامية بما يقدر بحوالي 76 مليار دولار سنة 1995 سعيا للحد من الفقر مثلما حدث مع بوركينافاسو، رواندا الكاميرون وكمبوديا وأوغندا والفيتنام واشترطت الدول الكبيرة لمنح هذه المساعدات بضرورة احترام حقوق الإنسان .
ومن أمثلة المؤسسات المالية الدولية
- صندوق النقد الدولي (مؤسسة مالية دولية تأسست سنة 1944 بعد معاهدة بريتون وودس بهدف مساعدة الدول الأعضاء التي تعاني صعوبات في ميزانها التجاري ويضم كل الدول الأعضاء في الأمم المتحدة تقريبا وتساهم الدول الأعضاء في الصندوق حسب قدرتها المالية ويمكن لأي دولة أن تحصل على قرض عادي دون شرط إذا لم يتجاوز 25 % من حصة مساهمتها كما يمكنها الحصول على قروض مشروطة لا تتجاوز في أقصى الاحتمالات ضعف حصتها والمقصود بالقروض المشروطة يعني أن على الدولة إتباع سياسة اقتصادية منبثقة من عن توصيات صندوق النقد الدولي وتحت متابعته
-والصندوق الدولي للبناء والتعمير ( مؤسسة مالية دولية تأسست سنة 1944 بعد معاهدة بريتون وودس لترتيب النظام النقدي الدولي بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وهو المؤسسة الدولية الثانية بعد صندوق النقد الدولي يمد الدول التي تعاني عجزا في ميزان مدفوعاتها بمساعدات قصيرة الأجل خاصة الدول التي تضررت من الحرب لتتمكن من إعادة البناء وقروض هذا البنك مشروطة ويعمل بتكامل مع صندوق النقد الدولي
أما عندما يتعلق الأمر بإعادة جدولة الديون أي تأجيل وتمديد أجال تسديد الديون المستحقة خلال فترة زمنية معينة ليتم سدادها خلال فترة زمنية أطول مع زيادة في فوائد الدين الذي أعيدت جدولته فيتم اللجوء إلى نادي باريس بخصوص الديون الرسمية ( وقد لجأت الجزائر إليه سنة 1994 واثر ذلك إيجابيا على اقتصاد الجزائر بانخفاظ تكاليف خدمة الديون من 82 % سنة 1993 إلى 42% في 1995 إلى 31% سنة 1996 .والى نادي لندن ( اللجنة التوجيهية العامة للبنوك التجارية) بخصوص الديون التجارية ( وقد لجأت إليه الجزائر سنة 1995 وغطى اتفاقها معه الديون المستحقة التسديد في 1997 أي ما يعادل 3.23 مليار دولار وأعيد جدولة هذه الديون إلى 15 سنة وكذا تحويل بعض الدين إلى اسهم في رأس المال) وهدف إعادة الجدولة هو ربح الوقت لان البلد المعني يتوقع تحسن ميزانيته.
6- الميزانية العامة للدولة:
تعريفها :هي الوثيقة التي تحظرها السلطة العامة كل سنة على شكل مشروع يتضمن نفقاتها و إيراداتها السنوية معتبرا أن هذه التقديرات موضوعات لا بد منها أو هي تقدير وإجازة النفقات العامة و الإرادات العامة في مدة غالبا ما تكون سنة. أو هي هو التقابل الذي ينشأ بين الإيرادات من جهة و النفقات من جهة أخرى .
- تعريف المشرع الجزائري : في المادة 03 من القانون 90/21 المؤرخ في 15 أوت 1990 المتعلق بالمحاسبة العمومية الوثيقة التي تقدر و ترخص للسنة المالية مجموع الإيرادات و النفقات الخاصة بالتسيير و الاستثمار .
و منه يمكن إبراز العناصر الأساسية التي تقوم عليها الميزانية:
أ) عنصر التقدير: و معناه أن الإيرادات التي أعدت بناء عليها للميزانية لغرض تغطية نفقات محددة هي في الأساس تقديرية , مبنية على تحصيلات تمت في السنة ما قبل السنة التي تخص الميزانية المدروسة و منه مما سبق إن السلطة يمكن أن تلجأ إلى الميزانية الإضافية ما يمكن أن ينجر عن تقديرات الميزانية الأولية
ب) الترخيص : و معناه أن الأمر بالصرف إذا انقضت السنة المالية و لم تصرف الاعتمادات المخصصة له فإنه يحتاج إلى ترخيص لاستعمال الرصيد الباقي , هذا بما يخص النفقات . ما نفقات الاستثمار فإن كانت هناك رخص برامج فإنها تبقى سارية المفعول دون تحديد المدة و بالتالي حتى يتم إلغائها .
ج) السنوية : و معنى ذلك أن كل ما جاء في الميزانية يجب أن ينفذ خلال السنة أي أن الاعتمادات المرصودة لا بد من صرفها خلال السنة المعنية فإذا تجاوزت المدة فإن الأمر بالصرف يحتاج إلى ترخيص في هذه النفقات .
د) الوحدوية : يقصد بها أن كل النفقات و الإيرادات واردة في وثيقة واحدة .
هـ) الشمولية : هذا يعني أنه يجب ذكر جميع الإيرادات و الأعباء قطاع بقطاع وفقا لمجموعات متجانسة من حيث طبيعة كل واحدة منها .
المبادئ التي تقوم عليها الميزانية العامة :
مبدأ وحدة الميزانية : أي إدراج جميع النفقات و الإرادات العامة المقررة خلال السنة المقبلة في وثيقة واحدة أي عدم تعدد الميزانية
مبدأ عمومية الميزانية: يتركز هذا المبدأ على إدراج كافة الإيرادات و النفقات العامة في ميزانية واحدة وتقوم على:
عدم جواز خصم نفقات أي مصلحة من إيراداتها عدم تخصيص الموارد أي أن الدولة الميزانية الإجمالية التي تذكر فيها النفقات و الإيرادات.
مبدأ تسوية الميزانية: أي انه يتم إعدادها لفترة مقبلة تقدر بسنة واحدة وهي فترة مألوفة.
مبدأ توازن الميزانية: بقصديه تساوي النفقات و هذا المبدأ أصبح غير معمول به في الفكر المالي الحديث
تحضير الميزانية :
تمر بمرحلتين :
الإعداد : من المعمول في مختلف الأنظمة إعداد الميزانية يتم من طرف السلطة التنفيذية نظرا لما تتمتع به من إمكانيات ووسائل و دراية بالميدان المالي و الاقتصادي وهذا هو الأساس الذي يمكنها من القيام بهذا الدور , تعتبر وزارة المالية الإطار الأساسي لتحضير الميزانية بحيث يتمتع وزيرها بصلاحيات واسعة في هذا الشأن فيتم اعدد مشروع الميزانية على معطيات واردة إليه من قطاعات الدولة كل قطاع حسب ما يتوقع من نفقات و إيرادات .
الاعتماد: تعتمد من طرف المجلس ش.و من خلال دراسة للمشروع الذي تعده السلطة التنفيذية المتمثلة في الحكومة و في شخص الوزير المالية حيث يقوم على عرض المشروع على اللجنة الاقتصادية و المالية على م.ش.و و بعد دراستها يناقش علنيا من طرف نواب الشعب و يصادق عليها بنفس للطريقة و بعدها يضعها رئيس الجمهورية موضع التنفيذ أي أنه هو الذي يمنحها الصيغة التنفيذية .
تنفذ الميزانية في شقيها من طرف السلطة التنفيذية بحيث يتوجب عليها ان تتخذ جميع الإجراءات اللازمة كي تصبح الإيرادات المدرجة قابلة للتحصيل و النفقات تكون قابلة للصرف وفقا لقواعد الإنفاق العام.
مرحلة الرقابة : و هي أخر مرحلة وتأتي :
-الهيئة الأولى و تقوم بدور الرقابة حيث تعتبر الرقابة التي تقوم بها رقابة سابقة للصرف و تتمثل هذه الهيئة في المراقب المالي الذي يقوم بمراقبة مدى الالتزام و مدى قانونية الالتزام بالدفع .
- المحاسب العمومي: و يقوم بمراقبة ما يترتب على مدى الالتزام دفع النفقة و صرفها .
- الهيئة الثانية: تقوم بدور الرقابة السياسية و تتمثل في البرلمان بغرفتيه و تتم هذه الرقابة من خلال المصادقة على الميزانية .
- الهيئة الثالثة: تقوم بالرقابة الخاصة: و يأتي هذا النوع من الرقابة غالبا لاحقا لعملية الدفع تتمثل هذه الهيئات في مجلس المحاسبة و المفتشية العامة للمالية .
- أنماط و أنواع الميزانية: يشمل قانون المالية بالإضافة إلى الميزانية السنوية العامة للدولة ميزانية ملحقة لبعض لمؤسسات العامة فيها استقلال مالي كالبريد و المواصلات، الحسابات الخاصة للخزينة و هي مجموع من الحسابات لدى الخزينة العامة و التي تتضمن نفقات و إيرادات منفذة خارج الميزانية عن طريق بعض إيرادات الدولة و قد حدد المشرع أصناف
مراقبة لتنفيذ الميزانية:
تهدف الرقابة على تنفيذ الميزانية الى ضمان سلامة تنفيذها طبقا لما قررته السلطة التشريعية و تتم هذه الرقابة بعدة طرق وهي :
الرقابة الإدارية: هي رقابة تقوم بها الإدارة التابعة لنفس جهة التنفيذ عن طريق موظفين و حكوميين
الرقابة السياسية: و تقوم بها السلطة التشريعية و يمكن أن تكون رقابة عند التنفيذ أو رقابة لاحقة أي في نهاية السنة الرقابة المستقلة: وهي رقابة خارجية يتم اللجوء إليها بعدم كفاية الرقابة الإدارية و لسياسية ويقوم بها مجلس المحاسبة
7- استثناءات مبدأ سنوية الميزانية :
استثناءات مبدأ سنوية الميزانية :*الاعتمادات الشهرية: وتكون عند تأخر اعتماد قانون المالية في وقته لأسباب معينة وذلك لمواجهة نفقات لا يمكن تأجيل صرفها حتى إقرار وإصدار قانون المالية، تنص المادة 69 من القانون 84/17 السابق الذكر على مايلي: "في حالة ما إذا كان تاريخ المصادقة على قانون المالية للسنة المعنية لا يسمح بتطبيق أحكامه عند تاريخ أول يناير من السنة المالية المعتبرة.
- يواصل مؤقتا تنفيذ إيرادات ونفقات الميزانية العامة للدولة حسب الشروط التالية :
أ/بالنسبة إلى الإيرادات طبقا للشروط و النسب و كيفيات التحصيل المعمول بها تطبيقا لقانون المالية السابق .
ب/ بالنسبة لنفقات التسيير في حدود 1/12 من مبلغ الاعتمادات المفتوحة بالنسبة إلى السنة المالية للميزانية السابقة و ذلك شهريا و لمدة ثلاثة أشهر.
جـ/ بالنسبة لاعتمادات الاستثمار و في حدود ربع ¼ الحصة المالية المخصصة لكل قطاع ولكل مسيّر كما تنتج عن توزيع اعتمادات الدفع المتعلق بالمخطط السنوي للسنة السابقة.
2- يواصل تنفيذ مشاريع الميزانية الملحقة و الأحكام ذات الطابع التشريعي و المطبقة على الحسابات الخاصة للخزينة طبقا للأحكام التشريعية و التنظيمية التي تسيرها قبل بداية السنة المالية الجديدة للميزانية "، غير أن الفقه يدعو الى عدم المبالغة في اللجوء الى هذه الاعتمادات.
*الاعتمادات الإضافية: لكون الميزانية تتصف بالتقدير والاحتمال حول الإيرادات والنفقات خلال سنة مقبلة فإن السلطة التنفيذية قد تخطئ التقدير فتضطر لطلب تصحيح الأرقام الواردة في الميزانية بشرط موافقة السلطة التشريعية.
* الاعتمادات الدائمة: وتفتح لأكثر من سنة واحدة ومن أمثلتها ما جرى عليه الوضع في بريطانيا من أن النفقات التي لاشك في ضرورتها كأجور القضاة وفوائد القروض العامة لا تعرض على السلطة التشريعية بل يتم إقرارها بصفة دائمة آليا ربحا للوقت.
* اعتمادات التعهّد: وتفتح لأكثر من سنة وتخصص لتنفيذ المشاريع التي لا يمكن انجازها خلال فترة تنفيذ قانون المالية (الميزانية ) أي سنة واحدة.
استثناءات مبدأ وحدة الميزانية:
1/الميزانيات المستقلة: وتخص ميزانيات الهيئات العمومية ذات الطابع الإداري والتي تتمتع بالاستقلال المالي وتوضع من المجالس المحلية( المجلس الشعبي البلدي والمجلس الشعبي الولائي ومجلس إدارة المؤسسة العمومية ذات الطابع الإداري) إذ أن الاستقلال الإداري لتلك الأشخاص لا فائدة منه إذا لم يتوج باستقلال مالي بإعداد ميزانياتها وتحديد نفقاتها دون إشراف من قبل وزير المالية وان المصادقة على التقديرات المتعلقة بنفقاتها ومداخيلها لا يتم من قبل البرلمان بل من قبل الأجهزة المحددة في القانون المنظم لهذه الهيئات وهذه الهيئات تتحمل العجز في الميزانية دون أن يؤثر ذلك على ميزانية الدولة.
2/الميزانيات الاستثنائية: وتوضع من قِِِِبَل الدولة لتحقيق غايات معينة يغلب عليها الطابع الاستثنائي أو الطارئ كمواجهة النفقات العسكرية وإزالة آثار الكوارث الطبيعية والميزانية الاستثنائية غالبا ما تموّل بمصادر استثنائية كالقروض.
3/الميزانيات الملحقة: وتوضع لتسيير المؤسسات والهيئات التي لا تملك شخصية معنوية ويشترط فيها موافقة البرلمان حسب المادة 44 من القانون 84/17 المتعلق بقوانين المالية.
4/الحسابات الخاصة بالخزينة: وقد نصت عليها المادة 48 من القانون 84/17 وهي حسابات خاصة تفتح في الخزينة العمومية ولا تدخل في ميزانية الدولة ولا تعرض على السلطة التشريعية فوظيفة الخزينة تتمثل في جمع إيرادات وصرف النفقات المسجلة في قانون المالية، والتنسيق بين هاتين العمليتين غير أن التنسيق ليس أمرا سهلا ذلك أن الخزينة قد تتحصل على مبالغ نقدية لا يمكن اعتبارها إيرادات وتقوم بصرف نفقات تعود إليها لاحقا كإقراض الموظفين أموال لإنجاز سكنات أو شراء سيارات على أن يتم إرجاعها على دفعات، أو أن تقوم الدولة بشراء سلعة لتقوم ببيعها بسعر أعلى وهذه العمليات لا يمكن اعتبارها إيرادات ولا نفقات.
ولما كانت المبالغ المذكورة لا تشكل إيرادات ولا نفقات فان الدولة تسجل تلك المبالغ في حسابات خاصة تعرف بحسابات الخزينة وهذه الحسابات لا تفتح إلا بقانون وتتضمن تسجيل العمليات النقدية التي تخرج عن الإيرادات والنفقات المسجلة في الميزانية العامة للدولة، وتتخذ الصور التالية:
*حسابات التجارة: (م 48 فقرة1 والمادة 54) وتفتح لفائدة المرافق العمومية غير المتمتعة بالشخصية المعنوية ويضم العمليات ذات الطابع التجاري التي يباشرها المرفق العمومي بصفة ملحقة أو بصفة إضافية لا بصفة أساسية، ومن أمثلتها بيع مراكز التكوين المهني للمصنوعات والمنتجات التي يتم إنشاؤها في إطار تكوين المتربصين وحصيلة عملية البيع توضع في حساب خاص يفتح لهذا الغرض ويستفيد منه الطلبة والأساتذة ولا يدخل في ميزانية المركز. ومن الأمثلة أيضا قيام البلدية بكراء العتاد الذي تملكه للخواص وتخصيص المداخيل لإصلاح العتاد وتحسين الحظيرة...
*حسابات التخصيص الخاص: (م48 فقرة2 والمادة 55) ويموّل بإيرادات الجباية وشبه الجباية وبإعانات ميزانية الدولة ويخصص للقيام بنفقات ذات طابع اجتماعي أو مهني أو تضامني كالصندوق الوطني للسكن الذي يموّل ب 20 إلى 40% من الضريبة على الثروة.
*حسابات التسبيقات:(م48 فقرة3) ويخصص للتسبيقات الممنوحة من طرف الدولة للجماعات المحلية والمؤسسات والهيئات العمومية عندما تتأخر إيرادات هذه الهيآت فتكون هذه التسبيقات بمثابة إيرادات تعويضية تلتزم هذه الهيئات بردها خلال السنتين المقبلتين دون فوائد وإن لم تستطع ذلك فإما أن تمدد المهلة لسنتين إضافيتين إذا كانت الأسباب موضوعية، أو تتحول الى قرض بفوائد.
* حسابات القروض:(م48 فقرة4 والمادة59) وتفتح لعمليات القرض الممنوحة من طرف الدولة للمجموعات المحلية أو المؤسسات والهيئات العمومية أو للأفراد وتكون بفوائد مع تقديم المستفيد للضمانات اللازم.
* حسابات التسوية مع الحكومات الأجنبية:(م48 فقرة5 والمادة 61) وتوضع في إطار الاتفاقيات الدولية مع الحكومات الأجنبية ويتم التصديق عليها بالأساليب القانونية المعروفة وتسجل في الحسابات ما تم دفعه وما بقي في ذمة الدولة.
*حسابات المساهمات:(م48 فقرة6 والمادة 58) وتوضع لتسوية الأوضاع المالية الناجمة عن تسيير القطاع الاقتصادي والمحافظة على المال العام.
استثناءات مبدأ الشمولية:
- أرصدة المساهمات: وهي عبارة عن التبرعات التي يمنحها الأشخاص المعنويون والطبيعيون للدولة من اجل بناء أو إنشاء مشاريع دون تحديد الهدف من هذه التبرعات مع اشتراط قبول وزير المالية لهذه الأخيرة بعد التحقق من المصدر المشروع لهذه الأموال.
- إجراء إعادة الاعتماد: وقد نصت عليه المادة 10 من القانون 84/17 إذ أن المبالغ المدفوعة بغير حق لفائدة الخزينة أو المبالغ الناجمة عن بيع العتاد يمكن إدراجها مرة أخرى في الفصل الذي صرفت منه.
- الحسابات الخاصة بالخزينة: وقد تم الحديث عنها آنفا.
- العمليات خارج الميزانية: وقد فتحت بخصوص مراكز التكوين المهني مثلا لاقتناء المواد الأولية وتحفيز المتربصين وتعويض الأساتذة والعمال عن الساعات الإضافية وشراء اللوازم الخاصة بالإنتاج.