التدريس بين العلم و الفن
و المعلم بين الطبع و الصنعة
و المعلم بين الطبع و الصنعة
إذا كان العلم مرده إلى العقل ، لأنه مجموعة الحقائق المقررة التي وصل إليها الباحثون و العلماء بالتفكير والتجربة والاستقراء والتجريد .... فان الفن مرده إلى الذوق ، والصفة الغالبة عليه أنه من أنواع المهارات ، وليس عنصر التفكير بواضح فيه على الرغم من أن به لمسات فكرية و نفحات عقلية .
والحقائق الثابتة لا يختلف عليها الناس... وأما الفنون فللناس فيها أذواق مختلفة
الطبيعة علم، وكذلك الكيمياء و الرياضيات، و قواعد اللغة من أنواع العلوم....... أما الخط والرسم و النحت و الموسيقى و التمثيل و الغناء و الأدب و البلاغة هي أنواع من الفنون.
وقد ترتبط بعض الفنون بقواعد من العلم، كارتباط فن التصوير – مثلا – بعلم الضوء و الكيمياء.
والتدريس من الأمور التي تغلب عليها الصفة الفنية، ولكنه مع غلبة هذه الصفة عليه نجده وثيق الصلة ببعض العلوم التي تمده بالتجارب وتمضي به في منطلق التقدم و النمو....ومن العلوم ذات الصلة الوثيقة بفن التدريس : علم النفس ، وعلم أصول التربية و أساسياتها .
ونبوغ المدرس في التدريس يقوم على دعامتين: الأولى دعامة الفطرة والموهبة والطبع... و الثانية دعامة التعلم و الصنعة، ومن هنا صح القول بأن المعلم مطبوع و مصنوع.
ومن مظاهر الموهبة و الطبع في المعلم أن يكون قوي الشخصية سوي الخلقة واضح الصوت طيعة ، حسن النطق و الأداء اللفظي ، حاضر البديهة سريع الخاطر ، منضبط النفس ، حازما عطوفا على تلاميذه ، صبورا حليما ، ثابتا قوي العزم ،طلق المحيا ، بش الوجه ، اجتماعيا خفيف الظل حسن السمت........وما إلى ذلك من الصفات التي ذكرها علماء التربية في مباحثهم و تناولوها بالبحث والشرح و التعليق .
وأما الجانب الصناعي التعليمي في إعداد المدرس فانه يكون بإلمامه الماما كافيا بمادته . ويكون – كذلك – بتجديد نفسه و تنميتها بمداومة القراءة و الاطلاع و التزود و التزيد من العلم و المعرفة ، و الوقوف على الآراء المبتكرة و المؤلفات الحديثة و مسايرة تيارات التطور الثقافي لا سيما فيما يتعلق بمادته ومجال منطلقه ......
ويكون أيضا بإمعانه في دراسة علم النفس التربوي و نظرياته و مستحدثاته، وأساسيات أصول التربية وقواعد الطرق العامة للتدريس......و أن يعي بتفصيل و تعمق الطرق الخاصة بتدريس مادته نظريا و عمليا بشكل واضح وجلي