تقع المعدة أمام
البنكرياس في أعلى البطن، ما بين المريء والأثني عشري، وهي غنية بالعضلات
اللارادية، تغلّفها طبقة رقيقة من الأنسجة، ويبطّنها غشاء غني بالغدد
المجهرية الحجم.
ومن أهم وظائفها ما يلي:
- تهيئ الطعام للهضم ميكانيكياً بفضل
تقلصاتها في مرحلة أولى، وتعدّه لتحليله كيمائياً بصورة جزئية بتأثير
إفرازاتها، ومنها خميرة البيبسين (Pepsin) وحامض الهيدروليك (HCI).
- تتّسع لاختزان ما يزيد عن ليتر من
الطعام والسوائل، ما يغني عن الحاجة إلى الأكل بصورة متواصلة، وتمدّ
الإنسان بمشاعر الارتياح التي تأتيه عند الشبع. وتنشط بالتالي في تنظيم
عملية تمرير محتوياتها من الطعام إلى الأمعاء الدقيقة، جرعة وراء جرعة، بما
يتلاءم مع طاقتها في إنجاز عمليات الهضم اللاحقة.
- تفرز المعدة مركبات بيولوجية،
يدعوها بعضهم العامل الداخلي (Intrinsic factor)، تمر في الأمعاء الدقيقة،
مع باقي الغذاء، إلى الطرف الأسفل منها، لتساهم مساهمة أساسية في عملية
امتصاص الفيتامين ب 12 (B12 Vitamin) التي تتمّ تحديداً هناك. ومن المعارف
الطبية أنّ هذا الفيتامين ضروري لعمل الدماغ والأعصاب، كما هو ضروري أيضاً
لتكامل خلايا الدم الحمراء.
- تقوم المعدة بدور بارز في مكافحة
الجراثيم التي تدخل مع الطعام والشراب، بفضل ما تفرز من حامض، علاوةً على
احتوائها "محطة كهربائية" عصبية تنظم دفع النفايات والسموم والجراثيم،
بتكامل مع الأمعاء الدقيقة، إلى القولون حيث تطالها عمليات التخمّر، أو
تطرد خارج الجسم عن طريق الشرج.
وأخيراً يجدر التعريف بمناعة غشاء المعدة،
فهو وإن تعرّض أحياناً إلى الائتكال والتجرّح، كما قد يحصل عند تناول
الأسبرين وما يماثله، فإنّه سرعان ما يتغلّب على ذلك في عملية ترميم سريعة،
تندمل بفضلها الجروح والخدوش خلال فترة قصيرة لا تتجاوز أسبوعاً من الزمن.
أورام المعدة
أورام المعدة الحميدة غالباً ما تكتشف
بالصدفة خلال إجراء تنظير لجهاز الهضم. وهي وإن كانت في معظمها لا أعراض
لها، إنما تستدعي عند اكتشافها أخذ العيّنات من نسيجها لفحصها، لئلا تكون
من النوع الذي يعرف عنه التطوّر إلى أسوأ.
أمّا أورام المعدة الخبيثة، فهي خطرة
وتأتي في المرتبة الثانية من أسباب الوفاة بالسرطان عامّة، ونسبة حدوثها
بين الرجال هي ضعف نسبتها لدى النساء، وهي أكثر شيوعاً في البلدان التي
تنتشر فيها العدوى بجرثومة (H. pylori)، مع العلم أنّ الجرثومة قد لا تكون
وحدها العامل المسؤول عن تلك الأورام إذ أن معظم حاملي الجرثومة - بنسبة
99% حسب بعض الدراسات- يمضون العمر كله دون الإصابة كما يبدو أن الوراثة
عند البعض وتلوث البيئة هي عوامل إضافية مشاركة.
الأعراض: من أعراض أورام
المعدة عامّة ألم متكرّر أو ثابت معتدل الشدّة في أعلى البطن، غالباً ما
يرافقه فقدان الشهية والغثيان وانخفاض الوزن.
عند استمرار هذه الأعراض لأكثر من أسبوعين
عند امرئ تجاوز العقد الرابع من عمره، يجب استشارة الطبيب دون تردّد أو
تأخير، لأن الشفاء مرهون بمعالجته باكراً، باستئصال الورم بأكمله. وقد
يترافق الورم السرطاني بفقر الدم أو نقص الحديد فقط، أكثر منه بالنزيف
الصاعق، وفي بعض الحالات يلاحظ الأقارب والأصدقاء شحوب لون الجلد قبل أن
يدرك المريض ذلك.
التشخيص والعلاج:
الوسيلة الأهم لتشخيص الحالة هي التنظير إذ أنّه يكشف مباشرة على أغشية
المعدة ويعطي المجال لأخذ العيّنات لدراستها تحت المجهر. وبناءً على نتيجة
دراسة العيّنات، تُجرى فحوص الدم والمسح الطبقي لتحديد مدى انبثاث الورم أو
انتشاره. ومن المشجع أنّ هناك محاولات تظهر فائدة العلاج الذي يجمع بين
الجراحة والأدوية بينما الجراحة وحدها قد تكفي عند اكتشاف المرض في طوره
الأول وهو ما زال في غشاء المعدة.