-->
20442089948863209543254490835361871223293246504253253244222450902125210054252300302210331037257509080002542285855724524240052333309025131555
آخر الأخبار
recent
التكامل بين المسجد والمنزل والمدرسة

التكامل بين المسجد والمنزل والمدرسة

التكامل بين المسجد والمنزل والمدرسة

ما زلنا نلتمس من السيرة النبوية الشريفة الآثار التربوية العظيمة من خلال تعاون المنزل والمسجد والمدرسة في تكوين شخصية الابن المسلم، فما لم يكن هناك تعاون بين المنزل وبين المدرسة وبين المسجد لن تكتمل شخصية من نربي.
يقول د. أحمد خليفة شرقاوي أستاذ الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر: ما أجمل أن يقوم الإنسان بالدور الذي قام به النبي صلى الله عليه وسلم، حين كان المسجد في عهده مقصدا لكل مسلم يتعلم منه الدين والحياة والمعاملات، سواء مع المسلمين أو غير المسلمين، عملا بقوله تعالى: « وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ»، فمن جنبات المسجد وأركان المدرسة ينشأ الجيل المنشود الذي يحمل المواصفات العليا من العلم والدين بما يحملان من مضامين. فأول خطوة خطاها الرسول، صلى الله عليه وسلم، بعد نزوله المدينة إقامة المسجد في رسالة واضحة إلى أهمية المسجد والدور الذي يجب أن يقوم به، خاصة في الإعداد والتربية.
ويضيف شرقاوي قائلا: من البيت اللبنة الأولى في تكوين شخصية الطفل يتعلم أصول دينه ودنياه، كما أن الأسرة المستقرة التي تمنح أولادها الحنان والحب تبعث في نفسه الأماني والطمأنينة.. والأسرة هي التي تعلم أبناءها كيف يؤدون عباداتهم وكيف ينمون علاقتهم بالله سبحانه وتعالى وما هي الطريقة المثلى لنيل رضاه سبحانه، وما الثمار العظيمة التي يحصدونها جراء السير على نهج الرسول الكريم محمد عليه أفضل الصلوات والسلام، أيضا حين يصطحب الأب ولده إلى المسجد، فهو يربيه على الصلاة والطهارة، وارتياد المسجد، وأداء شعائر المسلمين، وحين يصل الطفل إلى سن المدرسة يبدأ في الاختلاط بعالم آخر يتعلق فيه بأصدقاء ومعلمين ويجد فيهم الأب والمعلم في آن واحد تبدأ مسؤولية الأسرة في تحقيق هذا التكامل المنشود بين البيت والمدرسة باعتبارها بيت الطفل الثاني وتربيته على الأسس الدينية ومبادئ الدين الإسلامي الحنيف بطريقة بسيطة دون ترهيب، وإذا لم تكن المدرسة على درجة من المسؤولية في تأسيس النشء تأسيسا سليما تصبح مصدرا للخطر عليه وهو ما نحذر منه في ظل ما يحدث الآن من تجاوزات في بعض المؤسسات التعليمية، وبهذا فإن الناشئ يكتسب من المسجد والمدرسة لأنهما وجهان لعملة واحدة الأخلاق الحميدة بصورة تكاملية، ويعتبر كل منهما عاملا مساعدا لمهمة الأسرة المسلمة في خلق شخصية أبنائها.
ويضيف شرقاوي أن المجتمع الإسلامي مهمته الأولى العناية بنمو الطفل، وتأمين حاجاته الأساسية من الطعام، والشراب، والملبس، والعناية بصحته، ومتابعة تصرفاته، وأخلاقه، والعبء الأول في تربية الطفل في البيت ينصب على جسمه وأخلاقه. بينما العبء الأول في المدرسة ينصب على التربية العلمية.
والعبء الأول في المسجد ينصب على التربية الروحية، فالإنسان عقل يدرك، غذاؤه العلم، وهذا ينبغي أن يكون واضحاً جلياً في المدرسة، وقلب يسمو، وهذا ينبغي أن يكون واضحاً جلياً في المسجد، وجسم يتحرك، وهذا ينبغي أن يكون واضحاً جلياً في المنزل، وأي تقصير في أحد هذه الأطراف الثلاثة ينعكس على الطرفين الآخرين. فإذا علّم في المدرسة تعليماً خاطئاً أو تلقي معلومات غير صحيحة عن دينه أو دنياه، فتصبح هناك مشكلة كبيرة في شخصية الطفل ما يسمى بانفصام في الشخصية، ولهذا نقول بضرورة التوافق والتكامل بين المسجد والمنزل والمدرسة.
ويؤكد أن الأب يجب أن يعتني بصحة أولاده ونموهم وأخلاقهم وتحصيلهم، موضحا أن علاقات الأسرة إذا بنيت على الاحترام سيكون بناؤها قوياً متيناً وهذا في الواقع يؤثر تأثيراً إيجابياً على مستقبل الأبناء وعلاقاتهم الاجتماعية وإذا عامل الأبوان أبناءهما معاملة حب وتكريم فإن حياتهم تكون خالية من القلق والاضطراب أما استعمال العنف والألفاظ البذيئة يسبب إضعاف شخصية الابن وتوتره وعموماً ينبغي التوازن في التربية، أي لا إفراط ولا تفريط حتى لا تكون هناك نواحٍ عكسية.
ودور المسجد دور عظيم في حياة المسلم بشكل عام ويعد من أقوى الأركان والدعائم في بناء المجتمع المسلم، وهو موطن التربية الإيمانية والروحية والخلقيّة والعلمية للطفل في مراحل تربيته ونشأته، ومن هنا توجب على الوليِّ أن يعمل على ربط أولاده ببيوت الله، عزّ وجلّ، ليتربّوا في رحابها، فتُهذّبَ أرواحهم وتثقّف عقولهم وتزكُوَا نفوسهم، محذرا من أن كثيرا من مساجدنا اليوم تواري دورها في تربية الأجيال، حيث أدى ذلك إلى انصراف الكثير من النّاشئة عنها إلى أماكن اللهو واللعب.
ويشدد أستاذ الفقه المقارن على أهمية تطوير التعليم ما قبل الجامعي، لأن هذه المرحلة في حياة الابن خطيرة ومهمة، فالمدرسة لها في واقع اليوم دور أكبر من دور المسجد، وهي تعد المؤسسة التربوية الثانية، لافتا أن مناهج التعليم ينبغي أن تنبع من عقائد الأمة، فإذا نبعت المناهج من فكر غربي بعيد عن عقائد الأمة كانت هناك بلبلة واضطراب في عقل وشخصية الطفل، لأنه يستمد معرفته من عقيدة أخرى وثقافة مغايرة عن ثقافته.
وفي الوقت نفسه فإن الصراع المستمر يسبب حالة لا مبالاة عند الإنسان، المدرسة تطرح شيئاً، والمنزل يطرح شيئاً، والمسجد يطرح شيئاً آخر، والطفل واحد، هذا أبوه وهذا معلمه وهذا شيخه! وهذا ما يدفعنا للتشديد على ضرورة التكامل والانسجام بين البيت والمسجد والمدرسة وهو ما سوف يخلق جيلاً آخر غير هذا الجيل.
تعليقات فيسبوك
0 تعليقات بلوجر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إتصل بنا

الإسم الكريم البريد الإلكتروني مهم الرسالة مهم
كافة الحقوق محفوظةلـ المتميز التربوي 2016