يخطئ من يظن أن العقاب يفيد دائماً في العلاج، حيث إن ضرره قد يكون أكثر من نفعه. كما أن الدراسات أثبتت أن النتائج المترتبة على الثواب أكثر فائدة من النتائج السلبية المترتبة على العقاب، لذلك ينصح بعدم اللجوء إليه إلا بعد أن تستنفد طرق العلاج وعلى
رأسها الثواب. ومن هنا نقول إن العقاب البدني يجب أن يكون بعيداً عن العلاقة بين الطالب والمعلم. كما أن الدراسات أثبتت أن العقاب يكون في مجال التربية وبهدف تهذيب السلوك وضبطه وليس في مجال التعليم. ولعل كل سلوك يقوم به الفرد يحمل معه خصائصه المميزة له وتنتج عن مكوناته التفاعلية، سواء كان مع المحيط الذي يعيش فيه أمع الآخرين الموجودين في محيطه، وثمة سلوكيات أخرى ترتبط بنوع هذا السلوك الذي قام به. والمتأمل للعقاب البدني سوف يجد أنه سلوك يحتوي على عنف،وهذا العنف هو ضغط جسدي أو معنوي ذو طابع فردي ينزله المعلم بالطالب بنية تهذيب وتعديل سلوكه، وهو عنف نظامي، ولكن قد تترتب عليه مشكلات أخرى. فعلى سبيل المثال، وفي إحدى مدارس قطاع غزة، تهجمت طالبة في المرحلة الإعدادية على معلمتها بالصوت
العالي والألفاظ السيئة وأوشكت تضربها لولا تدخل معلمات أخرياتومنعها من ذلك.وكان عقاب الطالبة في قرار اتخذته مديرة المدرسة بوقفها عن الدراسة لمدة أسوع. أما عن سبب الخلاف بين الطالبة والمعلمة،فيعود إلى وضع الأخيرة لوحة تحمل أسماء الراسبات في الامتحان الأخير لمادتها، ومن بينهن الطالبة صاحبة الموقف. يذكر أن المعلمة هددت قبل الامتحان من يرسبن ثم نفذت وعيدها، رغبة منها في رفع مستوياتهن لتفادي الضغوطات الواقعة عليها من مديرة المدرسة لرفع نسبة النجاح في المادة التي تدرسها. إن تكرار سلوك الطالبة وعقاب المدرسة سيؤثر على الجميع، مع ملاحظة أن هذا التصرف له عدة بدائل قد تقي المعلم كل هذه الشرور. إضافة إلى أن النتائج قد تكون سريعة في حالات قليلة، ولكن غير مضمونة، وقد تترتب عليها عواقب وخيمة كالهروب من مدرسة أو التسرب الدراسي، أو العدوان بصفة عامة.
ويأتي السؤال: ماذا تفعل عندما يواجهك طالب لديه سلوك بحاجة للتعديل؟ هل تقرر استخدام العقاب البدني، أم الأفضل أن
تلجأ إلى بدائل أخرى؟
هنا يقع على المعلم الدور الأكبر، وليعلم أن رأس ماله في العملية التعليمية هو حب الطالب، ويأتي ذلك من خلال تفوقه في الأداء
وتميزه وتوفر صفات الإدارة الحكيمة للصف لديه، وذلك من خلال قيامه بإعطاء تعليمات واضحة من أول يوم للدراسة، لأن الوقاية خير من العلاج، وعند حدوث أي خلل، يتدخل بهدوء، وليعلم أن العقاب هو تربوي نفسي واجتماعي وليس بدنيًّا، وليعلم أن لكل شخص بصمة فكرية لا بد وأن تتفق مع بصمته الوظيفية، وأنه كمعلم لا بد أن تكون بصمته علمية ومهنية ومستمدة من خبرة أهل العلم في ذلك. وإليكم بعض الوسائل التي ينبغي اللجوء إليها كبديل عن العقاب البدني:
- تجنب الغضب.
- الموعظة الحسنة والنصح والإرشاد
-منع الثواب مع ذكر السبب، مثل حرمانه من نشاط محبب.
- إظهار عدم الرضى عن السلوك والضيق من السلوك.
- النظرة الحادة التي تحمل التلميح واللوم والعتاب.
- توضيح الخطأ له والصبر عليه، ومن الخطأ تعجل العقوبة مثل إخراجه من الحصة، والنبذ والإهمال دون متابعة، وإعطائه
واجبا أكثر، وتخفيض درجة امتحانه، والسخرية والإهانة والاستهزاء من عيب لديه، والسباب والشتائم، والعقاب الجماعي.
- مدح الغير أمام )الغيرة(، واستخدام ألفاظ محببة مثل: يا بطل.. يا شاطر.. يا أمير.
- إزالة العوامل المسببة أن أمكن، مثل إغلاق النافذة أو تغييرمكانه.
- اللجوء للزجر والتوبيخ.
- الحرمان من اللعب لفترة مؤقتة، أو من شيء محبب إليه.
- التجاهل لفترة مؤقتة مع توضيح السبب.
- إقصاء من التعزيز الايجابي مؤقتاً، إلى أن ينتهي من السلوك السلبي، مثل نقل الطفل من مكانه وإرجاعه بعد هدوئه.
- التخويف والتهديد المدروس، مثل إشعار ولي الأمر.
- شد الأذن بلطف ومراعاة التدرج في العقاب.
- تسجيل مخالفة في دفتر المخالفات الخاص بالمدرسة،وتحويله إلى لجنة الضبط الطلابي، وه و أمر يقترح وجوده بالمدرسة.
- قانون الجدة، أي دعم الطالب من خلال وعده بمكافأته إذا أنجز
مهمة معينة.
- اتباع تمرينات للاسترخاء لكل الطلاب، وإشراك الكل بالدعم
النفسي الإيجابي، مثل استنشاق هواء لعدة دقائق في فناء
المدرسة.
- تكليف بأعمال في الصف أو السلوك البديل، والتفكير بالمقلوب،وإشراكه في الكشافة أو لجنة النظام.
- أنشطة حركية ومسابقات وتربية رياضية وحصص تفريغ.
- الاستفادة من الإذاعة المدرسية.
- توفير جو هادئ وأسري بالمدرسة، وتعزيز علاقة مجلس الآباء،وتوطيد العلاقة بين ولي أمر الطالب والمدرسة.
- تفعيل الجوائز التشجيعية والعبارات الهادفة علىكراسات المتميزين، والتصفيق لهم أمام الجميع، ما يشجع الآخرين.
مجلة ينابيع - العدد الرابع ، د.عاطف العسولي
أستاذ الخدمة الاجتماعية المساعد - فرع غزة